الضفة الغربية برؤية سموتريتش

الضفة الغربية برؤية سموتريتش الديمغرافية: سنحلب البقرة العلمانية خدمة لـ”المسيح وحماره”

  • الضفة الغربية برؤية سموتريتش الديمغرافية: سنحلب البقرة العلمانية خدمة لـ”المسيح وحماره”

اخرى قبل 10 شهر

الضفة الغربية برؤية سموتريتش الديمغرافية: سنحلب البقرة العلمانية خدمة لـ”المسيح وحماره”

 شاؤول أرئيلي

المعطيات التي نشرت في الشهر الماضي في موقع مؤسسة التأمين الوطني تكشف حجم الكارثة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسبب بها التحالف مع من يخربون الديمقراطية الليبرالية في دولة إسرائيل. هذا التحالف مدفوع بمصالح مسيحانية شخصية وغير صهيونية لأعضائه: الأحزاب القومية المتطرفة – المسيحانية برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الوطني ايتمار بن غفير، التي تريد جذب الحريديم للمجيء والعيش في الضفة الغربية، وحصولهم بالتوازي على دعم ديمغرافي يمنع التوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين؛ والأحزاب الحريدية، برئاسة آريه درعي وإسحق غولدكنوفف، التي تريد الدعم المالي الذي يضمن استمرارهما في قيادة المجتمع الحريدي، وفي غضون ذلك تشجيع المزيد من الانفصال والتطرف الديني؛ والليكود برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يريد دعماً شخصياً لرئاسة الحكومة والتملص من المحاكمة… كل ذلك معاً يريد تحطيم المحكمة العليا التي تمنعهم من الحصول على هذا الدعم.

حسب معطيات التأمين الوطني حتى بداية العام الحالي، يعيش في مناطق “يهودا والسامرة” (بدون شرقي القدس) 463.429 مستوطناً (هذا العدد أقل بقليل من معطيات المركز الوطني للإحصاء، وأقل 40 ألفا عن العدد الذي نشره مجلس “يشع”). توزيع السكان في “يهودا والسامرة” يختلف عن توزيع سكان إسرائيل الباقين. الحريديم، 40 في المئة من إجمالي عدد المستوطنين في “يهودا والسامرة”، 13.3 في المئة من إجمالي عدد سكان إسرائيل داخل الخط الأخضر. هذه مجموعة سكانية فتية: النصف من الاطفال (يشكل الأطفال الثلث فقط في إسرائيل)؛ 48 في المئة في جيل العمل (في إسرائيل 52 في المئة) و2 في المئة منهم فقط من الشيوخ (في إسرائيل 16 في المئة). ولكن في الوقت الذي تصل فيه نسبة الأطفال الحريديم في إسرائيل 20 في المئة من إجمالي الأطفال، تبلغ نسبتهم في “يهودا والسامرة” 50 في المئة، تقريباً نصف سكان “يهودا والسامرة” ويتكون من عائلات لديها أربعة أولاد فما فوق، ثلثها عائلات حريدية. في حين أن نسبة الحريديم من بين العائلات التي لها أربعة أولاد في إسرائيل، أقل من 20 في المئة؛ أي أن المجتمع الحريديم يتميز بزيادة طبيعية مرتفعة جداً – 6.6 ولد للمرأة – والتي تزيد في العقد الأخير عدد المستوطنين في “يهودا والسامرة”. من ناحية ديمغرافية، فإن مشروع الاستيطان في “يهودا والسامرة” آخذ في التحول إلى مشروع للمجتمع الحريدي.

هذا التوجه الديمغرافي يوضح المعطيات الأخرى البائسة لمؤسسة التأمين الوطني حول سكان المستوطنات. الأجرة المتوسطة في إسرائيل للعامل هي 12.925 شيكلاً، والشخص المستقل 10.108 شواكل. في المجالس الحريدية – موديعين عيليت، بيتار عيليت وعمانوئيل – التي تشمل فيها نحو ثلث السكان اليهود في “يهودا والسامرة” يهبط متوسط الأجرة للعامل والمستقل إلى نصف الأجور في إسرائيل. إن معظم الحريديم في “يهودا والسامرة” يعملون في مجال السلطات المحلية التي يعيشون فيها، في حين يذهب نحو 60 في المئة من المستوطنات العلمانية والدينية غير الحريدية يومياً من أجل العمل داخل إسرائيل. نسبة العاملين في إسرائيل الذين يحصلون على أجر الحد الأدنى هي 24.8 في المئة. بينما تصل النسبة ضعف ذلك تقريباً في أوساط المجالس الحريدية؛ 46.1 في المئة. هذه الأرقام تضع نصف السكان المستوطنين في “يهودا والسامرة” في أسفل المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي، معظمهم في العنقود 1 المتدني جداً.

السبب الرئيسي لهذه المعطيات القاسية هو أن نسبة تشغيل الحريديم، في ظل غياب دراسة المواضيع الأساسية، تشبه نسبة التشغيل ونسبة كسب الأجرة لذوي التعليم حتى أربع سنوات دراسية في إسرائيل. و53.5 في المئة فقط (المصدر: مؤسسة شورش للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية). لا يبدو المستقبل أفضل في مجال الثقافة؛ إ إن نسبة الحاصلين على “البغروت” في 2020 في “موديعين عيليت” كانت 5.5 في المئة، وفي “بيتار عيليت” 14.7 في المئة (داخل إسرائيل 73.4 في المئة)؛ ونسبة الحاصلين على لقب أكاديمي في أعمار 34 فما فوق في هذه المستوطنات هي 3.8 في المئة – 5.9 في المئة على التوالي (داخل إسرائيل 27.9 في المئة). يجب التأكيد على أنه خلافاً لمجموعات تعليم من صفر حتى أربع سنوات، الآخذة في الاختفاء من المجتمع الإسرائيلي، فإن نصيب الحريديم من إجمالي سكان إسرائيل آخذ في الازدياد سنوياً. حسب التنبؤ الديمغرافي لمكتب الإحصاء المركزي، فإن التكاثر الطبيعي في أوساط الحريديم قد يحولهم خلال 20 سنة قادمة إلى خُمس سكان إسرائيل وأكثر من نصف سكان “يهودا والسامرة”؛ وخلال 40 سنة يتوقع أن يصلوا إلى ثلث سكان إسرائيل وثلثي سكان “يهودا والسامرة”.

خطط البناء الجديدة في القدس ومحيطها تشمل 23 ألف وحدة سكنية معظمها للحريديم الذين يشكلون الآن 48 في المئة من عدد السكان اليهود في المدينة. البناء في العاصمة يمكن آلاف الحريديم الذين يغادرون القدس منذ عدة سنوات بسبب نقص في السكن، من الانتقال إلى الأحياء التي يتم التخطيط لإقامتها في شرقي القدس خلف الخط الأخضر، مثل حي “عطروت” الذي يخطط فيه لبناء 9 آلاف وحدة سكنية. وهكذا أيضاً بشأن البناء في مستوطنات الحريديم القائمة، التي قد توقف أو حتى تصد منحى الهجرة السلبي الذي تعاني منه في السنوات الأربع الأخيرة: موديعين وعيليت وبيتار عيليت، التي فيها تقريباً ثلث إجمالي المستوطنين في “يهودا والسامرة”. الأحياء الجديدة التي يخطط لبنائها في المستوطنات القريبة من القدس مثل “مفسيرت أدوميم” (إي 1) قرب “معاليه أدوميم” (3412 وحدة سكنية)، ستمكن من الوصول المريح إلى مراكز الحريديم في القدس. جميع هذه الخطوات ستجمع نصف إجمالي مجتمع الحريديم في إسرائيل والقدس وفي القدس الكبرى.

هذه صورة ديمغرافية – قطرية تعطي دعماً يأمل به سموتريتش وبن غفير والمجتمع القومي المتطرف – المسيحاني. إضافة 200 ألف حريدي في العقد القادم لنصف المليون إسرائيلي الذين يعيشون الآن في شرقي القدس وفي غلاف القدس، ستخلق فضاء حضرياً فيه هيمنة ديمغرافية يهودية، الأمر الذي سيقسم الضفة إلى قسمين وسيضر بتواصل الفلسطينيين الجغرافي وبنسيج حياتهم الذي يرتكز على تجمع القرى الفلسطينية في القدس والجبل، وسيضر باحتمالية إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة.

الثمن الاقتصادي – الاجتماعي والأمني والأخلاقي لهذا الهذيان المسيحاني والانفصال الحريدي لزعماء هذه الأحزاب بدعم من رئيس الحكومة المتهم بمخالفات جنائية، سيدفعه كل المجتمع الإسرائيلي، يهوداً وعرباً، في مجال الاقتصاد والأمن والمجتمع.

عندها سيكتشف أعضاء تحالف مخربي إسرائيل بأنه وفي ظل غياب “البقرة العلمانية الحلوب”، سيغرق المجتمع الحريدي في هاوية الفقر والضائقة، وأن الحلم العنصري – المسيحاني لسموتريتش وبن غفير من مدرسة كوك وكهانا، هو حلم المسيح الدجال و”حمار المسيح”، ولن يكون أمام المجتمع العلماني إلا الندم؛ لأنه لم يرم المسيح عن ظهره، ولم يفصل المجتمع الحريدي عن ثديه، ولم يعمل على دمجه في المجتمع عندما كان باستطاعته ذلك. ولا يقل عن ذلك حزناً أن هذا المجتمع لم يستوعب بعد العلاقة التي لا تنفصم بين الانقلاب النظامي والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. وللسخرية، فإنه يحاول وضع الخط الأخضر كحد لقيم الديمقراطية والليبرالية التي من أجلها يخرجون الآن إلى الشوارع.

 هآرتس 23/6/2023

التعليقات على خبر: الضفة الغربية برؤية سموتريتش الديمغرافية: سنحلب البقرة العلمانية خدمة لـ”المسيح وحماره”

حمل التطبيق الأن